رجاحة الدبلوماسية السعودية.. ومراجعة إيران لحساباتها - دليل الوطن

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رجاحة الدبلوماسية السعودية.. ومراجعة إيران لحساباتها - دليل الوطن, اليوم الأحد 20 أبريل 2025 10:34 مساءً

صحيح أن توتر العلاقات السعودية الإيرانية بلغ في مرحلة ما ذروته، حتى أن علاقة البلدين وصلت إلى حد القتال دون معارك وميادين، إلا أن الرياض كانت تسير وفق منهجية سياسية ثابتة تقوم على تقديم المصالح وحسن الجوار، وهذا ما هو مطبق حتى اليوم، في حين أن طهران لها حساباتها الخاصة، التي جعلت حروبها بالوكالة تملأ عددا من العواصم العربية.

وبالرغم من نوايا إيران الواضحة، والتي طالما انعكست على أرض الواقع في لبنان واليمن والعراق، وجلبت لها المتاعب داخليا والضغوط الدولية خارجيا، فإن الدبلوماسية السعودية تركز على استغلال الفرص المتاحة لتعزيز الاستقرار في المنطقة، وترى أن الحوار وتوقيع تفاهمات مع إيران يسهمان في بناء أسس قوية للعلاقات المستقبلية، خاصة في حال تغير المواقف السياسية الدولية، فالسياسة دوائر ومتغيرات ومصالح، لا تعترف بعدو دائم ولا صديق دائم.

لكن وبالتوازي مع ذلك، من كان يخال له أن تنتقل العلاقة بين السعودية وإيران إلى هذا المستوى من الهدوء، الذي لا يمكن وصفه بالتقارب، حتى لا ندع للمفاجآت فرصتها.

إن المملكة قدمت عامل حسن النوايا في علاقتها بعد التفاهم الذي أجري في العاصمة الصينية بكين عام 2023م، وأعادت العلاقات الدبلوماسية مع طهران، بعد قطعها في 2016م، بل إنها وقفت مع إيران في عدة مواقف، قدرتها طهران، كرفض الأولى استخدام أجوائها لضرب الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى شجب الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان وإيران نفسها، فكل هذه المواقف السعودية تراها الجمهورية أنها ضمن بوادر حسن النوايا من الرياض.

وبلا شك، تحمل زيارة وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، وهو المسؤول الرفيع بهذا المستوى الذي يزور طهران منذ عام 1999م، دلالات ومضامين عديدة، أبرزها أن سياسة الهدوء السعودية أجدت نفعا وأخذتها طهران على محمل الجد، وتفتح هذه الزيارة آفاقا جديدة في ظل مساعي السعودية لتعزيز الاستقرار في المنطقة بناء على سياستها المتزنة، وتعطي إيران فرصة جديدة للتكيف مع مثل هكذا مبادرات.

كما أن هذه الزيارة تأتي في إطار إيمان واسع في المنطقة بالدور السعودي، والتأثير العالمي الذي تلعبه الرياض على الأصعدة كافة، فصحيح أن العلاقات بين البلدين سلكت مسلك التقارب خلال السنوات الأخيرة، وقد لعبت طهران دورا في التهدئة بين الرياض وجماعة الحوثي في اليمن، لكن الأمر أكبر من ذلك.

وهذا يمكن أن يتضح من خلال الرعاية الصينية لملف التقارب السعودي الإيراني، فمن جانب يعكس حرص دولة كالصين على هذا المحور الأهمية السعودية وكذلك الإيرانية لدى بكين، ومن جانب آخر يضع البلدان سقفا هاما للالتزام في الاتفاق الذي تم توقيعه في بكين، وهذا عامل لا يمكن تجاهله أو التغافل عنه، وما الاتصال الذي جرى بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مطلع الشهر الجاري بالرئيس الإيراني، إلا خطوة مهمة في هذا الاتجاه.

إن العلاقات المتنامية بين السعودية وإيران تعد عاملا مهما في استقرار المنطقة ورسم حالة من الهدوء والابتعاد عن التوترات، بعيدا عن الأحداث الجارية على سبيل المثال بين طهران وواشنطن، ويدعم ذلك الإيمان في طهران وقناعة صناع القرار في نهاية المطاف بأن السياسة السعودية يمكنها لعب دور هام وكبير في تقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة الأمريكية، وإيران، اللتين بدأتا مفاوضات مؤخرا، لكن تلك الخطوة لا يمكن أن تكون على حساب المنطقة وملفاتها المشتعلة.

فالأوراق العربية بالنسبة للمملكة تعد خطا أحمر، لا يمكن لها أن تغفل عنه أو تضعه كورقة للمقاربة مع دولة ما، سواء كانت قريبة أو بعيدة، فيما يبدو أن مراجعات السياسة الإيرانية خلال السنة الماضية على أقل تقدير، جعلتها أكثر انفتاحا على الدول المؤثرة في المنطقة، لا سيما السعودية، وهذا ناتج عما كشفته الأيام من رصانة وصبر في السياسة السعودية، ورجاحة دبلوماسيتها التي لا تعتمد على الفجور في الخصومة.

وأخيرا، يمكن القول إن الرياض تسعى لاستثمار هذه الزيارة لتعزيز الاستقرار الإقليمي وإعادة ضبط التوازنات في المنطقة، خاصة بعد فوز ترامب، مما قد يغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، فالسعودية تدرك أن إيران تواجه تحديات داخلية وخارجية، بما في ذلك الضغوط الاقتصادية والعزلة السياسية، لذلك هي تعمل على فتح قنوات للحوار من موقع قوة، خاصة بعد تراجع نفوذ إيران في بعض الدول العربية، في حين أن إيران مضطرة لمراجعة حساباتها بسبب الضغوط المتزايدة، وتسعى لتخفيف التوتر مع دول الجوار، بما فيها السعودية، لتجنب مزيد من العزلة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق