يقال إن الحاجة أم الاختراع، وأثناء جائحة كورونا ظهر في الأفق ما يسمى بالتواصل عن بعد، وفي ظل ما نعيشه من تحولات متسارعة يشهدها العالم بمجال التقنيات والاتصالات تبنّت المملكة منهجية التعليم والتدريب الالكتروني كأحد أهم محاور التنمية البشرية والاقتصادية ليصبح ركيزة أساسية لبناء الاقتصاد المعرفي باعتباره خيارا استراتيجيا موفقا عندما اعتمد مؤخرا مجلس إدارة المركز الوطني للتعليم الالكتروني التابع لوزارة التعليم في اجتماعه السابع عشر لائحته بقرار رقم (6/17/46) وتاريخ 11/ 5/ 1446هـ لتنظيم نشاط التعليم والتدريب الالكتروني بالمملكة، والتعميم الصادر على جميع الوزارات والهيئات والمرافق الحكومية والخاصة في 23 رمضان لهذا العام.

جاء مبدأ التوسع في التعليم والتدريب الالكتروني استجابة لحاجة البناء الفكري في القطاعات التعليمية والتدريبية بتوفير نواقل تتسم بالجودة والمرونة لسهولة الوصول للمعرفة وتعزيز بيئات تعليمية تفاعلية للطلاب والمتدربين، لتصبح المملكة وطنا طموحا يُعزز من اقتصادها المزدهر وينعم بمجتمعات حيوية تواصلية من خلال تنمية الفكر والقدرات البشرية بتحسين جودة التعليم وتطوير المهارات الرقمية لرفع كفاءة المعلمين والمدربين ودعم الابتكار والبحث العلمي باعتبار التعليم الالكتروني أداة فعالة لتحقيق هذه الأهداف.

وفي مفهوم الاقتصاد المعرفي الذي يعتمد أساسا على إنتاج وتوظيف المعرفة لتحقيق التنمية المستدامة، وفي هذا الإطار يساهم التعليم والتدريب الالكتروني في إعداد كوادر بشرية قادرة على التفاعل مع سوق العمل المتغير لتسهيل الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد متنوع قائم على الابتكار دعما لريادة الأعمال الرقمية والتعليم الفني والمهني الحديث، والاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع المعزز وتحليل البيانات الكبرى مما سيفتح آفاقا جديدة في مجالي التعليم والتدريب.

وفي المقابل هنالك فرص ستتحقق جراء عمل الشراكات المحلية والإقليمية والدولية للاستفادة من الخبرات المتنوعة لتطوير أنظمة تعليمية ذكية شاملة نحو تعميم التعليم الالكتروني وتوسيع مجالات التدريب عن بعد، خاصة في التخصصات المستقبلية للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبرمجة المتعددة في شتى المجالات الطبية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية والنفسية. ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة الابتكار في قطاع التعليم والتدريب عبر التحول نحو التعلم الشخصي ودمج تقنيات الواقع الافتراضي واستخدام أدوات تحليل الأداء دعما للتطوير المستمر.

وبرأيي فإن التوجه المعرفي الالكتروني للمملكة يعتبر وعيا استراتيجيا يترجم الإرادة الوطنية بتحقيق التحول الرقمي في مختلف المجالات لبناء المواطن والاستثمار فيه، دفعا لعجلة التنمية واستشرافا للمستقبل وصولا للرؤية الواعدة بمشيئة الله تعالى.

Yos123Omar@