نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صراع الطاقة بين الديب والشات في الأمم المتحدة - دليل الوطن, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 07:22 مساءً
الأمور ليست بهذه السهولة عندما ندخل دائرة الرقمنة والأتمتة والحوسبة السحابية وما يرتبط بهم من نظرة متعمقة استراتيجية يتم الاستفادة منها في الإحصاءات والبيانات، ويصعب الخروج منها إذا انتقلت للذكاء الاصطناعي التوليدي والاعتماد عليه دون حذر مع ما يخفيه من أمور تتعلق بالنزاهة والشفافية والتحيز، والذي أشرت إليه في مقال سابق متعلق بجائزة نوبل للسلام والأمم المتحدة بعنوان "حوار الإنسان والآلة وفلسفة الإسقاط على نوبل"، والأمم المتحدة ليست ببعيدة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، فهي عازمة على تطبيقه في ملخص تقريرها الذي سيخرج 2025، لحل العقبات التي تؤثر على تحقيق التنمية المستدامة.
فكثير من أهداف التنمية المستدامة "17" التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2015 والموجهة للتحقيق في عام 2030، متعلقة بالاستدامة البيئية المتمثلة في أربعة عناصر "كثافات" إن صحت الترجمة "Intensities" كما يتم تطبيقها في الصناعة، وهي الاحتباس الحراري والمياه وفعالية استخدام المواد وفقدانها والعنصر الرابع وهو كفاءة مصادر الطاقة، التي تأسست على رسله مراكز وبرامج محلية وعالمية.
المنظومة الرقمية والأتمتة والذكاء الاصطناعي الذي يبحر بتوسع هائل دون توقف، ويشكل معضلة مقلقة لا يتم النظر إليها بجدية في المجمل من ناحية استهلاك الطاقة وما يرتبط بها، وتتأثر بها بقية عناصر الاستدامة الأخرى، إلا أنه مؤخرا برزت توجهات عالمية متمثلة في تأسيس لجنة للخبراء الدوليين، تبنتها منظمة المعايير الألمانية DIN بالتعاون مع الايزو العالمية ISO لدراسة الأمر من جانب مواصفات تحت عنوان: Resource-efficient software in the focus of the ISO Open Consultation
قد يتم الاتفاق على الدراسة من قبل المشاركين من دول العالم بعد التصويت والفرز للتوصيات، والمملكة ضمن المشاركين بفعالية بالتوصيات المهمة في اللجنة والتي تضيف قيمة معتبرة للدراسة.
الحديث عن موضوع كفاءة مصادر الطاقة الرقمية ليس اعتباطيا، بل نابع من اهتمام جاد يشترك فيه عدد كبير من الخبراء من دول العالم في تخصصات مختلفة مرتبطة مباشرة بالطاقة وغير مباشرة مثل البرمجيات، ولعل وجودنا مع بعض الزملاء ممثلي المملكة في لجنة الخبراء؛ يعطي اللجنة تكاملا في طرح التوصيات المهمة والمؤثرة في مسيرة اللجنة بسبب عالمية المملكة في الذكاء الاصطناعي، ومن أكبر منتجي الطاقة في العالم، وذكر القياس كان أحد أهم توصياتنا التي تحتاج مقاييس ومؤشرات تحتضنها جداول تعكس استهلاك الطاقة ومراقبتها كما هو معمول به، وشاركنا في تأسيس جداول قياس تشغيل الابتكار تحت مواصفة ISO 56008/9، مع توصية ربط الطاقة ببقية عناصر الاستدامة لعدم بروزها في النقاشات، بالإضافة إلى إيجاد الحلول للحد من زيادة الأحمال واستهلاك الطاقة المحتملة من التحديثات وكيفية أرشفتها ومراقبة البرمجيات المستهلة، ورسم خطة محكمة من المواصفات التي توجه وترشد وتراقب وتقيم وتوثق وتعتمد دوريا.
وبما أننا أدخلنا الأمم المتحدة تحت دائرة الذكاء الاصطناعي بسبب توجهها لتطبيقه بشفافية وأخلاق كما تعلن، فعليها الانتباه لأي من التطبيقات العالمية التي ستستخدم وتشجع على استخدامها بما لا يتعارض مع أهدافها للتنمية المستدامة المرتبطة بعناصر الاستدامة البيئية، وقد ذكرت في ملخص ما سيخرج في تقريرها عام 2025 لوجود مؤتمرين سيتيحان فرصا لتعزيز التحول الرقمي المسؤول والشامل لتحقيق التنمية المستدامة، الأول قمة عمل الذكاء الاصطناعي في فرنسا من 10-11 فبراير 2025، والثاني مؤتمر هامبورغ الثاني للاستدامة في 2-3 يونيو 2025 وبتصدر الذكاء الاصطناعي جدول أعماله، ولم ألحظ أن قمة فرنسا المنتهية قد أثارت موضوع كفاءة الطاقة في الذكاء الاصطناعي بقوة، إنما تم التطرق للحوكمة التي لا تدخل تحتها كفاءة مصادر الطاقة، فقط إضفاء "الطابع الرسمي" على إنشاء مرصد لتأثير الطاقة على الذكاء الاصطناعي بقيادة الوكالة الدولية للطاقة (IEA) ضمن ما انتهت عليه القمة، وهو يمثل توصية من توصيات القمم غير الملزمة، ولا أعلم ما المقصود بالمرصد تفصيلا؟ هل هو ذو اتجاهين بتأثير الذكاء الاصطناعي على الطاقة أيضا؟
لكن الملفت أنه تمت الإشارة للاستثمار الكبير بـ20 مليار يورو بما يتعلق بمراكز البيانات في فرنسا شاملا البنى التحية من إنتاج الطاقة المرتبطة بالتشغيل، للدخول في المنافسة العالمية واللحاق بالديب والشات مضمونا، كون فرنسا الوجهة الأولى أوروبيا في الاستثمارات الأجنبية في الذكاء الاصطناعي.
مع كل هذا التعظيم في التوقعات لتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة مع التحول الرقمي كفرصة يتم رفع سقفها عاليا في الإحصاءات والبيانات، إلا أنني أرى ضرورة الخروج من عنق الزجاجة بما تحويه التقارير المتلاحقة من رؤية لا تحتمل التطبيق ولا توصل لتحقيق المستهدفات في عام 2030 مع التحديات التي تتطلب استثمارات ضخمة وتعاونا دوليا، بل التوجه لتبني فرضيات تنموية ديناميكية حديثة وقواعد نجاح تنموية تتوافق وتترابط أقطابها المادية مع الروحية المرتبطة بالإنسان، ومن ثم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي النزيه الشفاف في تحريك وقياس حركة الأقطاب بشقيها المادي والروحي، لتحقيق الوصول لقمة الهرم وهو النجاح بما ترسمه النسب والتناسب.
zuhairaltaha@
0 تعليق