ضوء أخضر للقمع.. أمريكا تحذف انتهاكات من تقريرها السنوي لحقوق الإنسان، ومصر ستحظى بمراجعة خاصة - دليل الوطن

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أجرت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تعديلات على التقارير السنوية التي تصدرها وزارة الخارجية حول حقوق الإنسان الدولية، وأزالت الانتقادات المعتادة للانتهاكات، مثل ظروف السجن القاسية، والفساد الحكومي، والقيود المفروضة على المشاركة في العملية السياسية، وسط مخاوف من أن تخفف هذه التعديلات الضغوط على الدول لدعم الحقوق المدنية والسياسية. 

وبجانب التعديلات التي أدخلتها الخارجية الأمريكية على التقارير السنوية لحقوق الإنسان، فإن التقارير المتعلقة بـ 20 دولة على وجه الخصوص، من بينها مصر، لن يتم إصدارها إلا بعد عرضها على مستشار لإجراء مراجعة خاصة بها، حسب تقرير لموقع إن بي آر

ومن المعروف أنه يتم إصدار تقارير حقوق الإنسان الدولية من قبل الخارجية الأمريكية عادة في مارس/آذار وأبريل/نيسان من كل عام. وهي التقارير التي يترقبها بفارغ الصبر القادة والدبلوماسيون الأجانب المعنيون بالكيفية التي تم الإشارة بها إلى بلدانهم في هذه التقارير. 

حقوق الإنسان
دونالد ترامب وماركو روبيو/ رويترز

ما أهمية تقارير حقوق الإنسان الدولية؟ 

تسمى هذه الوثائق السنوية رسمياً "تقارير الدول حول ممارسات حقوق الإنسان"، ويشترط القانون أن تكون "تقريراً كاملاً وشاملاً بشأن حالة حقوق الإنسان المعترف بها دولياً". 

ويستند الكونغرس الأمريكي إلى هذه التقارير أيضاً لإصدار توصيات تتعلق بتخصيصات المساعدات الخارجية والمساعدة الأمنية. 

على سبيل المثال، أفادت وكالة رويترز في يناير/كانون الأول الماضي أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن السابقة حولت 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان. 

وجاء في إخطار وزارة الخارجية للكونغرس بشأن التحويل المخطط له أن القوات المسلحة اللبنانية "شريكة رئيسية" في دعم اتفاق 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بين لبنان وإسرائيل. وبحسب رويترز، فإن هذه الخطوة "تأتي بعد أن عبر بعض رفاق بايدن الديمقراطيين في الكونغرس عن مخاوفهم العميقة إزاء سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، خاصة اعتقال الآلاف من السجناء السياسيين". 

ويُنتظر التقرير السنوي على نطاق واسع ويُقرأ في عواصم العالم، ويعتمد عليه بشدة منظمات المناصرة والمحامون وغيرهم ممن يعتبرونه وثيقة موثوقة وقائمة على الحقائق. 

كما يستخدمه مسؤولو اللجوء لتقييم ما إذا كان لدى طالب الحماية خوفٌ حقيقي من الاضطهاد في حال إجباره على العودة إلى بلده. 

ما هي التعديلات التي أجرتها أمريكا على تقارير حقوق الإنسان؟ 

وفقاً لمذكرة تحريرية ووثائق أخرى حصلت عليها وسائل الإعلام الأمريكية، فإن تقارير حقوق الإنسان لن تُدين الحكومات بعد الآن لأسباب مثل حرمانها من حرية التنقل والتجمع السلمي. 

كما أنها لن تُدين احتجاز السجناء السياسيين دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة أو فرض قيود على "انتخابات حرة ونزيهة". 

ولن يتم بعد الآن تسليط الضوء على الإعادة القسرية للاجئ أو طالب اللجوء إلى بلده الأصلي، حيث قد يواجه التعذيب أو الاضطهاد، كما لن يتم تسليط الضوء على المضايقات الخطيرة لمنظمات حقوق الإنسان. 

ووفقاً للمذكرة التحريرية، تم توجيه موظفي وزارة الخارجية لتبسيط التقارير بحيث يتم تقليصها إلى ما هو مطلوب قانوناً فقط. وتشير المذكرة إلى أن هذه التغييرات تهدف إلى مواءمة التقارير مع السياسة الأمريكية الحالية و"الأوامر التنفيذية الصادرة مؤخراً". ولا تستهدف التعديلات التي أمرت بها إدارة ترامب دولاً محددة، بل إنها تستبعد فئات كاملة من الانتهاكات من جميع التقارير. 

مسلمون ينظمون إفطاراً أمام البيت الأبيض للتضامن مع غزة
البيت الأبيض/ رويترز

وستظل التقارير تتضمن مسائل حقوق الإنسان التي يقتضيها القانون تحديداً، بما في ذلك جرائم الحرب والإبادة الجماعية ومعاداة السامية وحقوق العمال وزواج الأطفال. ويجب الإبلاغ عن الاعتداءات على حرية الصحافة، باستثناء تلك التي تستهدف حرية التعبير للمواطنين العاديين.

وبالنسبة لكل هذه الفئات المطلوبة، تنص مذكرة التحرير على أنه في حالة الاستشهاد بأمثلة متعددة في المسودات الأصلية، فيجب "تقليص" التقرير إلى مثال واحد فقط.

وفي حين سيتم إعادة تسمية بعض الأقسام أو نقلها إلى أجزاء أخرى من التقرير، فإنها تحتوي على عدد أقل من الفئات الفرعية تحتها، مما يعني أنه لن يتم تعريفها بالضرورة بنفس الطريقة الواسعة كما كانت من قبل، حسب تقرير مجلة بوليتيكو.

وأُعيدت تسمية القسم المعنون "حرية المشاركة في العملية السياسية" ليصبح "أمن الشخص". وأُعيدت تسمية قسم آخر بعنوان "حرية التعبير، بما في ذلك حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى" ليصبح ببساطة "حرية الصحافة".

ومن بين المواضيع الأخرى التي أُمر بحذفها من التقارير:

  • الممارسات الطبية أو النفسية غير الطوعية أو القسرية.
  • التدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية.
  • قيود خطيرة على حرية الإنترنت.
  • العنف القائم على النوع الاجتماعي على نطاق واسع.
  • العنف أو التهديد بالعنف الذي يستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة.

ماذا تعني هذه التعديلات؟

تُبرز هذه الخطوة رفض الرئيس ترامب التركيز على حقوق الإنسان، سواءً على الصعيد المحلي أو في السياسة الخارجية. ويرى هو والعديد من مساعديه أن هذه القضية تُعيق قدرة أمريكا على التفاعل مع الحكومات الأخرى في قضايا أخرى، مثل التجارة، بحسب تقرير مجلة بوليتيكو.

كما يُبدي بعض مؤيدي ترامب مخاوف أيديولوجية بشأن ما يتضمنه تقرير حقوق الإنسان، مثل الإشارة إلى حق الإجهاض. وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، تم تقليص حجم التقرير جزئياً لتخصيص مساحة أقل لحقوق المرأة الإنجابية.

ما هي ردود الفعل على هذه التعديلات؟

عبر مدافعون عن حقوق الإنسان ومعلقون عن انتقاداتهم لهذه التعديلات التي تمثل تراجعاً أمريكياً عن مكانتها باعتبارها الجهة الرقابية العالمية على حقوق الإنسان. 

وكتبت سارة ليا واتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، على منصة إكس:"لن يتم تسليط الضوء بعد الآن على الإعادة القسرية للاجئ أو طالب اللجوء إلى بلده الأصلي حيث قد يواجه التعذيب أو الاضطهاد، ولن يتم تسليط الضوء أيضاً على المضايقات الخطيرة لمنظمات حقوق الإنسان" لأنكم تعلمون جيداً أن هذه أشياء تقوم بها إدارة ترامب بنفسها.

وعلق جيفري سميث، الكاتب الأمريكي في مجلة التايم بقوله: لا يوجد سببٌ وجيهٌ لعدم إدانة احتجاز السجناء السياسيين أو القيود على انتخاباتٍ حرةٍ ونزيهة. هذه هبةٌ للمستبدين".

ونقل موقع إن بي آر عن بول أوبراين، المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة، قوله: "تشير هذه التعديلات إلى أن الولايات المتحدة لن تمارس المزيد من الضغوط على الدول الأخرى لدعم تلك الحقوق التي تضمن الحريات المدنية والسياسية – القدرة على التحدث، والتعبير عن نفسك، والتجمع، والاحتجاج، والتنظيم". 

وأضاف ليدرير: "إنك تزيل الضغط، وهذا بالتأكيد يرسل رسالة إلى الجناة مفادها أن هذا الأمر لم يعد مهماً بالنسبة للولايات المتحدة". 

وأعرب أشخاص متخصصون في مجال حقوق الإنسان عن قلقهم بشأن التأثير الذي قد تحدثه هذه التخفيضات على نفوذ الوثائق داخل المجتمع الدولي. 

ووصف بول أوبراين من منظمة العفو الدولية هذا الأمر بأنه خاطئ. وقال: "هذه الأمور ليست روايات أو قصصاً مشوقة. إنها مفيدة للغاية كوثائق مرجعية للأشخاص ذوي الاحتياجات المختلفة. أنت تحاول فهم ما إذا كان عليك الاستثمار في بلد ما. أنت تحاول فهم كيفية التعامل مع مجموعة من الفاعلين السياسيين الذين يتولون الآن مسؤولية بلد ما، وكيف تريد محاسبتهم."

صورة تعبيرية لأحد السجون المصرية/رويترز

هل هناك أمثلة على هذه التعديلات؟

أظهرت الوثائق أمثلة من التعديلات التي أجرتها الخارجية الأمريكية على تقارير حقوق الإنسان. وقالت تقارير إن بعض التغييرات تعكس علاقات إدارة ترامب الخارجية. 

على سبيل المثال، حُذف الجزء المتعلق بظروف السجون في التقرير المتعلق بدولة السلفادور، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان لاتفاق الإدارة مع السلفادور على إرسال مهاجرين غير نظاميين إلى سجون السلفادور، المتهمة بانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، علاقة بالأمر.

وشُطب الجزء المتعلق بـ"الفساد الحكومي" من التقرير المتعلق بالمجر، التي يحظى رئيسها فيكتور أوربان بتقدير كبير من الرئيس ترامب والعديد من كبار المحافظين. وقد قيّد أوربان حريات الصحافة والحريات المدنية في البلاد. ويقول خبراء إن التغييرات في التقارير ستقوض مصداقية وزارة الخارجية، بحسب تقرير لموقع ياهو.

ما هي الدول الـ20 التي سيتم مراجعة تقاريرها بشكل خاص قبل إصدارها؟

تشمل قائمة الدول التي أشارت المذكرة التحريرية إلى ضرورة إحالة تقاريرها إلى "مستشار أول" في الوزارة – وهو مُعيّن سياسياً – لمراجعة خاصة كل من مصر، المجر، السلفادور، الأرجنتين، جنوب أفريقيا، روسيا، أوكرانيا، صربيا، إيطاليا، الفلبين، كندا، المكسيك، والمملكة المتحدة.

هل تم إصدار تقارير حقوق الإنسان لعام 2024؟

أفاد موقع إن بي آر أن إدارة بايدن السابقة كانت قد أنجزت تقارير حقوق الإنسان الدولية لعام 2024 في يناير/كانون الثاني الماضي، قبل تولي الرئيس ترامب مهام ولايته الثانية في 20 يناير/كانون الثاني، لكن إدارته الجديدة أعادت تحرير هذه التقارير.

وأفادت مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية بأن النسخ المنقحة لن تُنشر حتى مايو/أيار المقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق