إسرائيل تُعلن دعمها للهند ضد باكستان.. هل تسعى تل أبيب إلى تدخل عسكري يُحوّل كشمير إلى غزة جديدة؟ - دليل الوطن

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تطور خطير وغير معهود في سياسات إسرائيل الخارجية تمثل بإعلان دعمها للهند في توتر علاقاتها الجاري مع باكستان، وتصاعد الموقف بينهما عقب تفجير إقليم كشمير، وسط خشية عالمية من انزلاقه لمواجهة عسكرية، مع أنه ليس سرّاً أن إسرائيل متورّطة في كثير من الصراعات المسلحة حول العالم، بل وتقوم بتغذيتها بالسلاح والوسائل القتالية.

لكن في الوقت ذاته، تفرض رقابة صارمة عليه، وتمنع نشر أي معلومات خاصة بهذا السياق، إلا أن سلوكها في هذه الحالة مع الهند مدعاة للتوقف، ومعرفة أسباب اتخاذها لموقف علني، بينما اتخذت غالبية دول العالم مواقف متوازنة، داعية لكبح جماح التوتر، وعدم تصعيد الميدان عسكرياً.

مفردات تحريضية ومزاعم عن علاقة حماس بجيش محمد الكشميري

بدأ التدخل الإسرائيلي في الأزمة المتصاعدة بين الهند وباكستان باتصال مفاجئ من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع نظيره الهندي ناريندرا مودي، للإعراب عن تعازيه بقتلى ما وصفه بـ"الهجوم الإرهابي الإسلامي"، مؤكداً له الوقوف جنباً إلى جنب في ما أسماها "المعركة الحرجة" ضد ما اعتبره "الإرهاب القاتل".

بل إن السفير الإسرائيلي في نيودلهي رؤوفين آزار استغل تفجير كشمير لربطه بالمقاومة الفلسطينية، معتبراً الحرب التي تخوضها الهند ضد تنظيم "جيش محمد" امتداداً للحرب الإسرائيلية ضد حماس.

وزعم أن عدداً من كوادر الحركة زاروا مؤخراً إقليم كشمير، مشبّهاً هجوم "باهالغام" بهجوم السابع من أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة، بل إنه أشاد بخطوات نيودلهي تجاه باكستان، خاصة تعليق معاهدة مياه نهر السند.

اللافت أننا أمام انحياز سياسي مكشوف من إسرائيل تجاه الهند، أكثر من كونها خطابات تعزية وتضامن، مما تُرجم بصدور دعوات من يمينيين هنود ومقدمي برامج حوارية على التلفزيونات الرسمية للانتقام من الكشميريين على غرار ما نفذته إسرائيل ضد غزة في حرب الإبادة.

في المقابل، دفع نشطاء كشميريون لتحذير الهند من اتباع هذه الإبادة، التي باتت نموذجاً يُحتذى به لكل محتل فاشي في العالم.

فيما أعلن التلفزيون الباكستاني الرسمي أن الموساد الإسرائيلي يقف وراء تفجيرات كشمير، عبر وجود ضباط له في الهند لتنسيق مؤامرة على باكستان، واتهام إسرائيل بالتسبب بالتصعيد الجاري لصرف نظر العالم عن حرب الإبادة التي يشنها على غزة.

وأعلنت باكستان، في سنوات سابقة، أن الدول التي تدعم الهند في نزاعها بشأن كشمير تقع في مرمى صواريخها، لأنها معادية، وعليها الاستعداد لذلك. وقد توقفت إسرائيل عند هذا التهديد في حينه، لأن الهند تستخدم أسلحتها ضد باكستان، مما دفع العديد من وسائل الإعلام الهندية والباكستانية لعدم الاستخفاف بهذا التهديد.

هذا الانحياز الصريح للهند يعيدنا إلى بدايات العدوان الإسرائيلي على غزة، حين ظهر لافتاً صدور إدانة هندية رسمية لهجوم حماس في السابع من أكتوبر، من رئيس الوزراء ناريندرا مودي ووزير خارجيته سوبراهمانيام جيشانكار.

وشكلت صياغة الإدانة، وسرعتها، دليلاً على التغيرات الجارية في علاقات تل أبيب ونيودلهي، ولم يقتصر الأمر على الإدانة الخطية فقط، بل إن نيودلهي تصدت للمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين بين جمهورها، ودافعت عن الاحتلال في المحافل الدولية، وزودت جيشه بأسلحة كبيرة، ودعمته علناً في حرب الإبادة ضد غزة.

مؤشرات التورط الإسرائيلي في المواجهة

ليست المرة الأولى التي تظهر فيها جملة مؤشرات متزايدة بشأن دور إسرائيلي في إذكاء الصراع الهندي الباكستاني حول كشمير، بل وتصعيده، في ظل علاقاتها المتنامية مع نيودلهي، بل إن الدعم العسكري الإسرائيلي للهند بدأ منذ عام 1971، وقبل إقامة علاقاتهما الرسمية، عندما خاضت الأخيرة حرباً مع باكستان نتج عنها إنشاء بنغلاديش.

وفي 1999 ظهرت إسرائيل كإحدى الدول القليلة التي ساعدت الهند في نزاع "كارجيل" مع باكستان، وأمدّتها بالصواريخ الموجهة بالليزر وطائرات تجسس دون طيار.

تتوفر العديد من المعطيات التي "تكشف المستور" في الدعم الإسرائيلي للهند ضد باكستان، أهمها:

  • الادعاء بأن الهند وإسرائيل تخوضان حروباً متماثلة ضد الجماعات المسلحة، ولديهما صراعات مع دول تحوز أسلحة غير تقليدية، فالأولى تواجه باكستان النووية وإقليم كشمير والحركات المسلحة، والثانية تسعى لإحباط تطلعات إيران النووية، وتواجه حماس وحزب الله.
  • السلاح الإسرائيلي الذي يلعب دوراً مفصلياً في التوتر القائم بين القوتين النوويتين؛ فالهند شريك أساسي لإسرائيل في التعاون العسكري، وتعتبر أكبر مستورد لسلاحها بنسبة 49% من مجمل صادراتها العسكرية، بقيمة زادت عن عشرين مليار دولار.
  • تزايد التقارير التي تتحدث أن قصف الهند للمواقع الباكستانية في جميع المحطات تمّ بصواريخ "سبايس" الإسرائيلية، فيما تولّت منظومة "سبايدر" الإسرائيلية حماية أجوائها من التجسس الباكستاني.
  • المشاركة الإسرائيلية الفاعلة في تصميم العقيدة الأمنية العسكرية الهندية ضد باكستان، خاصة استنساخ "عقيدة الضاحية" التي تنفذها في الأراضي الفلسطينية ودول أخرى، حتى أن مذيعاً في التلفزيون الهندي سأل ذات مرة: هل ترد الهند على الهجمات المعادية بالطريقة الإسرائيلية؟
  • المصلحة الإسرائيلية في زيادة الوجود العسكري الهندي في بحر العرب والبحر الأحمر، لمواجهة الساحات التي تهددها إيران، وتكثيف تعاونهما لضمان حرية الملاحة في المنطقة.

شراكة استراتيجية وتبادل معلومات استخبارية

يكتسب التورط الإسرائيلي في الانحياز للهند ضد باكستان في جميع مراحل مواجهاتهما المسلحة جذوراً راسخة في ظل شراكتهما الاستراتيجية التي ترسخت منذ تطبيع علاقاتهما في 1992، وأخذت قطاعات أوسع في ضوء ما تعتبرانه "التهديدات المشتركة والقواسم الثنائية" التي تجمعهما في عديد المجالات، لا سيما الأمنية والعسكرية، التي تعود لأواخر الستينيات.

حيث تتشاركان بتبادل المعلومات الأمنية، حتى تحوّلتا مع مرور الوقت لشريكتين حليفتين ضد باكستان والحركات الإسلامية، اعتقاداً من الهند بأن تطوير علاقاتها مع إسرائيل جزء من تسهيل موافقة واشنطن على منحها القروض المالية، والإسهام في تحسين علاقاتها معها.

ولأن للهند سفارة في تل أبيب، فإن للأخيرة سفارة في نيودلهي، وقنصليتين في مومباي وبنغالور، وهذه دلالة لافتة على تزايد الاهتمام الإسرائيلي بالدولة التي ستكون الأكبر في العالم في 2050، وسيتجاوز عدد سكانها الصين بأكثر من ربع مليار نسمة، وسادس أكبر اقتصاد، وستصل إلى المركز الثالث في 2048، مما جعلها قبلة لزيارات القادة الإسرائيليين.

آخرها قام بها نتنياهو، وسبقه أريئيل شارون والرئيسان السابقان رؤوفين ريفلين وشمعون بيريس، ووزيرا الحرب السابقان موشيه يعلون وبيني غانتس، بينما حظيت إسرائيل بزيارات هندية أهمها ناريندرا مودي رئيس الحكومة، والرئيس براناب مخرجي، ووزيرة الخارجية سوشما سواراج.

على الصعيد الأمني والعسكري، كشفت العديد من التقارير الإسرائيلية أن تل أبيب ونيودلهي تُبرمان بصورة دائمة صفقات سلاح مشتركة وصناعات عسكرية، وتبادلاً للمعلومات الأمنية، ومراقبة تحويل الأموال للمنظمات المسلحة، والتعرف على طرق التجنيد المتبعة لديها، وتدريب عناصرها.

كما يشمل تعاونهما الثنائي توريد كميات كبيرة من السلاح الإسرائيلي والوسائل التكنولوجية ذات الاستخدامات العسكرية، بينها الطائرات المُسيّرة بدون طيار، وأدوات رؤية ليلية، وجدران إلكترونية لتحسين الرقابة على الحدود الهندية، فضلاً عن الذخيرة والصواريخ والمضادات الجوية والأرضية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق