"قد تكون خلال أسابيع".. هل أمريكا مقبلة على صدمة اقتصادية قوية بسبب حروب ترامب التجارية؟
الأربعاء 30 أبريل/نيسان 2025
مطالعة الجميع
تعيش الولايات المتحدة اليوم على وقع مخاوف متزايدة من أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، مدفوعة باضطرابات تجارية متصاعدة مع الصين، وقرارات سياسية متخبطة تهدد النظام المالي العالمي. فبعد سنوات من التعافي غير المتكافئ من آثار الجائحة، تعود الأسواق مجدداً إلى حالة من الترقب والقلق، هذه المرة بسبب تداعيات الرسوم الجمركية والتغيرات الحادة في تدفقات التجارة العالمية، إضافة إلى احتمال انسحاب واشنطن من مؤسسات مالية دولية كصندوق النقد الدولي. هذا المشهد المليء بالتوترات يُثير تساؤلاً محورياً: هل تقف أمريكا على حافة صدمة اقتصادية جديدة، قد تكون الأقوى منذ عقود؟
لماذا أمريكا قد تكون مقبلة على "صدمة اقتصادية قوية" خلال أسابيع؟
تقول مجلة الإيكونومست البريطانية إن الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون على بعد أسابيع فقط من صدمة اقتصادية قوية بسبب تراجع التجارة بين الصين وأمريكا. حيث يسعى العالم الأن جاهدًا لتقييم الضرر الناجم عن الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها دونالد ترامب على الواردات الصينية، ويلجأ الخبراء الاقتصاديون إلى أساليب مبتكرة لقياس ذلك، وتشير نتائجهم إلى أن الاقتصاد الأمريكي، أكبر اقتصاد في العالم لم يتعافى بعد، لكن المتاعب آتية.
حتى قبل تطبيق العديد من الرسوم الجمركية، أشارت استطلاعات الرأي في الـ 9 من أبريل/نيسان 2025 إلى أن المستهلكين والشركات الأمريكية كانوا قلقين بالفعل. ووفقًا لمسح أجراه فرع دالاس للاحتياطي الفيدرالي، انخفض إنتاج المصنّعين إلى أدنى مستوى قياسي في أبريل/نيسان. لكن هذه الإحصاءات قد تكون مضللة.
وتقول المجلة إنه خلال رئاسة جو بايدن، أشار الأمريكيون مراراً إلى انخفاض الثقة مع استمرار الإنفاق، مما جعل القراءات أقل قدرة على التنبؤ. من ناحية أخرى، تصف البيانات "الثابتة"، مثل تقديرات الرواتب والناتج المحلي الإجمالي، عالماً لم يعد موجوداً، حيث تعكس أرقام الوظائف القوية لشهر مارس/آذار 2025 سلوك الشركات السلبي في وقت ظلت فيه تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية غامضة. وتهدف البيانات الاقتصادية الآنية إلى توفير صورة آنية للنشاط الاقتصادي الأمريكي، حيث تُتابع التجارة العالمية بدقة، وتنطلق سفن الشحن قبل أسابيع من وصولها، وتبث مواقعها عبر الأقمار الصناعية، وتُقدم قائمة بما تحتويه.
سفن شحن في ميناء لوس أنجلوس – رويترز
لذلك، قد تشير بعض البيانات إلى تأثير محدود للحرب التجارية حتى الآن. ففي الأسبوع المنتهي في 25 أبريل 2025، وصلت عشر سفن حاويات، محملة بـ 555 ألف طن من البضائع، إلى مينائي لوس أنجلوس ولونغ بيتش الأمريكيين، وهما بوابتا الدخول المفضلتان لأمريكا للبضائع القادمة من الصين. وهذا يُعادل تقريباً نفس الفترة من العام الماضي. إلا أن الإبحار بين الصين والساحل الغربي لأمريكا يستغرق ما بين أسبوعين و40 يوماً، وقد انطلقت العديد من سفن الشحن الواصلة الآن قبل بدء تطبيق الرسوم الجمركية.
لكن تبدو المؤشرات الأخرى أكثر إثارة للقلق، حيث انخفضت حجوزات الرحلات الجديدة بين الصين وأمريكا بنسبة 45٪ على أساس سنوي في الأسبوع الذي يبدأ في 14 أبريل، وفقًا لشركة Vizion، وهي شركة بيانات. ارتفع عدد الرحلات البحرية الفارغة -عندما تتخطى السفينة ميناءً أو تقوم شركة نقل بتشغيل عدد أقل من السفن على طريق لموازنة الخدمة- إلى 40٪ من جميع الرحلات المجدولة.
وتشير بيانات التسعير إلى إعادة ترتيب التدفقات التجارية، حيث انخفضت تكلفة الإبحار بين شنغهاي ولوس أنجلوس بنحو 1000 دولار في الشهر الماضي، وفقًا لشركة Freightos، وهي شركة لوجستية، حيث انتقلت الشركات من "التقدم" في التعريفات الجمركية – عن طريق استيراد أكثر من المعتاد للتغلب على الموعد النهائي للتنفيذ – إلى تجنبها. وارتفع سعر نقل البضائع من فيتنام إلى أمريكا بمقدار مماثل، مما يشير إلى أن المستوردين كانوا يبحثون عن موردين بديلين.
هل يمكن أن تكون بعض هذه الإنذارات خائطة؟
تقول المجلة البريطانية، إن بيانات الشحن قد تكون موسمية ومتقلبة: على سبيل المثال، الانخفاض بنسبة 30% على أساس سنوي في الحجوزات المجدولة إلى لوس أنجلوس، هو ضمن المعدل الطبيعي للتغيرات الأسبوعية. أما الموانئ الأصغر، مثل ميناء سياتل، فلا تشهد سوى وصول سفينة شحن واحدة يوميًا في المتوسط. قد لا يكون مرور بضعة أيام دون وصول سفينة أمرًا غير معتاد. كما أن المؤشرات عالية التردد الأكثر شيوعًا لا تشير إلى أن الاقتصاد قد وصل إلى مرحلة الركود. ووفقًا لبنك باركليز، بلغ الإنفاق ببطاقات الائتمان وفرص العمل في أمريكا نفس المستويات تقريبًا في أبريل/نيسان مقارنةً بالشهر نفسه من عام 2024.
لكن الألم قادم على الأرجح، قد تستغرق الصدمات التجارية بعض الوقت لتنتشر في الاقتصاد الأمريكي: بعض الشركات تكون قد كونت مخزونات قبل دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ. وقد ارتفع الطلب على المستودعات الجمركية، التي تسمح بتخزين البضائع بالقرب من الموانئ ودفع الرسوم الجمركية بمجرد الإفراج عنها. وتختار العديد من الشركات عدم رفع الأسعار – وهو أمر ينبغي عليها فعله نظريًا لترشيد مخزوناتها – إما لأنها ملتزمة بعقود سابقة أو ترغب في الحفاظ على علاقاتها مع العملاء في حال تراجع ترامب عن قراره. قد تضطر إلى القيام بذلك قريبًا.
خبراء: حالة عدم اليقين التي أحدثتها سياسة التعريفات الجمركية المتقلبة التي ينتهجها ترامب هزت الاقتصاد الأمريكي – رويترز
ويقول الخبير الاقتصادي بيتر ساند، من شركة زينيتا للاستشارات اللوجستية، إن حالة عدم اليقين التي أحدثتها سياسة التعريفات الجمركية المتقلبة التي ينتهجها ترامب قد فاجأت العديد من شركات الشحن، حتى بعد عقد من الزمان شهدت فيه هذه الشركات مواجهة عواصف ناجمة عن الجائحة، وانسداد قناة السويس، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
ويضيف ساند: "سيؤثر ذلك سلباً على التجارة والاقتصاد الأوسع حتى لو ألغت أمريكا أشد إجراءاتها العقابية في حروب التعريفات الجمركية. وستصل السفن التي لم تغادر في الوقت المحدد متأخرة، أو لن تصل على الإطلاق . ستستنفد المخزونات، ستتجمد خطط الاستثمار والتوظيف لدى العديد من الشركات، وقد تتأخر في إعادة تشغيلها..". ويختتم الخبير قوله: "لم تعاني أمريكا بعد من عاصفة تجارية ذاتية، لكن توقعات الشحن ليست جيدة".
الارتباك الاقتصادي يتفاقم.. وواشنطن بلا خطة واضحة
من جهته، يقول الكاتب والخبير الاقتصادي جون كاسيدي في مجلة "نيويوركر"، إن ترامب، من خلال إشعاله حرب تجارية فوضوية، أفزع الأسر والشركات الأمريكية على حد سواء، وهز الثقة باقتصاد كان يتميز عندما تولى ترامب منصبه بنمو قوي ومعدل صحي للاستثمار التجاري وسوق أسهم مرتفعة.
ويقول كاسيدي إنه خلال الأسبوع الماضي، أفادت استطلاع المستهلكين الذي أجرته جامعة ميشيغان أن ثقة المستهلك الأمريكي قد انخفضت إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق، والمرة الأولى كانت خلال جائحة كوفيد -19. وبينما تستعد وزارة التجارة الأمريكية لإصدار تقديرها الأولي لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2025، يتوقع المتنبئون الاقتصاديون معدلًا ضعيفًا يبلغ 0.3 في المائة فقط، بانخفاض عن 2.4 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، عندما كان جو بايدن لا يزال في البيت الأبيض.
ومنذ أن تولى ترامب منصبه، انخفض مؤشر "داو جونز" بنحو 8 في المائة، وشهد سوق السندات تقلبات غير نمطية في الأسعار، وانخفضت قيمة الدولار بشكل حاد – وهو مزيج غير عادي من تحركات السوق التي أطلق عليها بعض الناس في وول ستريت اسم "بيع أمريكا". وبدأت بعض القطاعات الاقتصادية تظهر بعض الثغرات، لا سيما في المجالات التي يُعد فيها الإنفاق تقديرياً. وفي معرض إعلانه عن أحدث النتائج المالية الفصلية لشركة دلتا إيرلاينز، قال إد باستيان، رئيس الشركة، إن "النمو قد توقف إلى حد كبير". وقال سكوت بوترايت، رئيس سلسلة مطاعم شيبوتلي، إن سلسلة مطاعم الوجبات السريعة شهدت "تباطؤًا في إنفاق المستهلكين"، وعزا ذلك إلى "توفير الناس للمال بسبب المخاوف الاقتصادية".
وتدور هذه المخاوف حول سياسة ترامب المتغيرة باستمرار بشأن التعريفات الجمركية، وتتألف هذه السياسة حاليًا من ضريبة بنسبة 10% على البضائع الواردة من جميع الدول الأجنبية تقريبًا، إلى جانب تعريفات "متبادلة" أعلى بكثير تم تعليقها لمدة تسعين يوماً؛ ورسوم بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم والسيارات وبعض قطع غيار السيارات؛ وتعريفات جمركية بنفس المستوى على بعض السلع المستوردة من كندا والمكسيك؛ وتعريفات جمركية بنسبة 145% على المنتجات القادمة من الصين. وإحدى طرق فهم تأثير كل هذه الأرقام هي قياس التكلفة الإضافية التي يدفعها المستهلكون الأمريكيون الآن مقابل السلع المستوردة: وفقًا لمختبر الميزانية في جامعة ييل، يبلغ متوسط معدل التعريفة الجمركية الفعلي الإجمالي الآن 28%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1901.
ويشهد الاقتصاد الأمريكي حالة من الارتباك المتزايد مع استمرار تداعيات الحرب التجارية التي تقودها إدارة ترامب، والتي شملت الآن أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم: الولايات المتحدة، الصين، والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عشرات الدول الأخرى. تضررت الشركات الكبرى بشكل مباشر، إذ أعلنت شركة "كيمبرلي كلارك" أن الرسوم الجمركية ستكلفها 300 مليون دولار إضافية، بينما تتوقع "داناهر" خسائر تصل إلى 350 مليون دولار. هذا التأثير لا يقتصر على الشركات العملاقة؛ فالشركات الصغيرة، رغم غياب تقاريرها العامة، تتعرض لنفس الضغوط، خاصة في قطاعات مثل المطاعم والتجزئة وبيع السيارات.
وارتفعت أسعار السلع المستوردة، ما دفع بعض البائعين على منصات مثل أمازون وشركات أزياء سريعة مثل "شين" و"تيمو" إلى رفع الأسعار لمواكبة الرسوم الجديدة. يعكس هذا حالة عامة من الفوضى وعدم اليقين، وصفها الخبير الاقتصادي إسوار براساد بأنها غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن السياسات الحالية هي من أبرز مسببات هذا الاضطراب العالمي. وأكد أن الإدارات السابقة واجهت أزمات، لكن ما يحدث الآن استثنائي في حجمه وتأثيره.
بحسب "نيويوركر"، ففي الاجتماعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، عبّر العديد من المسؤولين الدوليين عن دهشتهم من الموقف الأمريكي، وأكدوا أن العالم يحاول الآن التأقلم مع واقع اقتصادي جديد يبدو أنه يصعب التراجع عنه أو توحيده مرة أخرى. ورغم الاستقرار النسبي في الأسواق الأسبوع الماضي، يسود قلق حاد بشأن مستقبل السياسات الأمريكية، إلى جانب تشكيك متزايد في كفاءة صانعي القرار.
وأعرب داريو بيركنز، المدير في شركة استشارات اقتصادية بلندن، عن قلقه العميق بشأن الأداء السياسي الأمريكي، مشيرًا إلى أن المستثمرين فقدوا الثقة في وجود أي استراتيجية اقتصادية مدروسة. وذكر لحظة فاصلة في أبريل حين عرض ترامب لوحة كبيرة تعرض تعريفة جمركية على أكثر من مائة دولة، بما فيها دول فقيرة، بطريقة وصفها بيركنز بأنها "استعراضية وسطحية"، ما عكس افتقارًا واضحًا لفهم قواعد التجارة الدولية، وأكد للكثيرين أن ما يحدث ليس خطة معقدة بل تخبط واضح.
وخروج الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولي أيضاً سيكون بمثابة صدمة حقيقية للدولار
وفي ظل هذا كله، سجل الدولار الأمريكي أسوأ بداية له منذ عام 1989 مع طرح إدارة ترامب سياسات اقتصادية كانت غير واردة من قبل، مما أثار قلق المستثمرين العالميين. ولكن أحد التحولات المقترحة سيكون من نوع مختلف تماما: خروج الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولي، كما تقول رويترز.
وأثرت الحواجز التجارية العالمية الشاملة، وتفكيك التحالفات مع أوروبا، والهجمات اللاذعة على البنك المركزي الأميركي وغيره من المؤسسات الفيدرالية، سلباً على ما يعتبره الكثيرون عملة وأصولاً أميركية مبالغاً في قيمتها بالفعل.
وفي هذه العملية، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 8.4% حتى الآن في عام 2025. وهذا يُفاقم الخسائر الفادحة التي تكبدتها صناديق الاستثمار العالمية في وول ستريت، والتي دفعت الأسواق الأمريكية للارتفاع لأكثر من عقد. وقد أدى هذا إلى انخفاض حاد في قيمة سندات الخزانة الأميركية بنسبة 15% بالنسبة للمستثمرين غير المحميين باليورو، والذين كانوا ليشهدوا أيضا تحول الخسائر المتواضعة في سندات الخزانة الأميركية بالدولار إلى انخفاضات بنحو 10%.
على الأقل، فإن ضباب عدم اليقين المحيط بواشنطن قد أضر بشكل خطير بجاذبية سندات الخزانة الأميركية والدولار باعتبارها ملاذات آمنة يمكن التنبؤ بها في خضم الاضطرابات العالمية. لكن تأثير خروج صندوق النقد الدولي على الدولار سيتجاوز بكثير تراجع الثقة أو إعادة النظر في الاستثمارات. ذلك لأن هذه الخطوة – التي دعا إليها علانية "مشروع 2025" المثير للجدل، من شأنها أن تؤدي إلى تفكيك احتياطيات الدولار في الخارج آليا.
وتنفس العديد من المراقبين الصعداء خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الأسبوع الماضي عندما طالب وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت فقط بإصلاح هذه المؤسسات المتعددة الأطراف بدلاً من التطرق إلى انسحاب الولايات المتحدة منها. ولكن وثيقة "تفويض القيادة" لمشروع 2025، التي جمعتها مؤسسة هيريتدج قبل الانتخابات الأميركية العام الماضي، لم تحجب شيئا عما تعتقد أنه ينبغي أن يحدث مع ما وصفته بـ"الوسطاء الباهظين الثمن". حيث وذكرت أن "وزارة الخزانة تلعب دورًا هامًا في هذه المؤسسات الدولية، وعليها فرض إصلاحات وسياسات جديدة عليها". وأضافت: "مع ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة الانسحاب من كلٍّ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وإنهاء مساهمتها المالية فيهما بشكل قاطع".
خبراء: الخروج من صندوق النقد الدولي قد قد ينطوي على عواقب وخيمة على وضع الدولار كاحتياطي عالمي – رويترز
وتقول رويترز إن ترامب عزز هذه الفكرة بعد تنصيبه في يناير، حيث أصدر أمرًا تنفيذياً بشأن عضوية "جميع المنظمات الحكومية الدولية" التي تبدأ مراجعة مدتها 180 يوماً "لتقديم توصيات بشأن ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة الانسحاب من أي من هذه المنظمات أو الاتفاقيات أو المعاهدات" ومن المقرر إجراء هذه المراجعة في شهر يوليو/تموز 2025. وتقول رويترز إن انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، ومنظمة الصحة العالمية، والخروج الفعلي من منظمة التجارة العالمية يتحدث بالفعل بوضوح عن النوايا الأوسع للإدارة في الانسحاب أيضاً من صندوق النقد الدولي.
لكن ربما يكون التردد بشأن الخروج من صندوق النقد الدولي مرتبطا بحجم الانفصال المالي المحتمل ــ وهو الانفصال الذي قد ينطوي على عواقب وخيمة على وضع الدولار كاحتياطي عالمي وقيمته في البورصات المفتوحة.
وفي مقال رأي بصحيفة فاينانشال تايمز الأسبوع الماضي، شرح وكيل وزارة الخزانة الأميركية السابق للشؤون الدولية تيد ترومان بالتفصيل التداعيات المالية الهائلة لخروج الولايات المتحدة من صندوق النقد الدولي، والذي قال إنه سيكون بمثابة "هدف سيقلل بشكل كبير" من الدور العالمي للدولار.
وقال ترومان إن الجزء الأكبر من عمليات صندوق النقد الدولي تتم بالدولار، لأن هذا هو ما يحتاجه المقترضون السياديون المتعثرون ويسعون إليه عادة، ونتيجة لذلك تقوم البلدان بتجميع احتياطياتها من الدولار. ويزعم الخبير أن الدولار سوف يُستبعد من استخدام الصندوق إذا لم تعد الولايات المتحدة عضواً، مما يثير السؤال التالي: "ما هي الدولة التي قد ترغب في الاحتفاظ بأصول بعملة لا يمكن استخدامها في معاملات صندوق النقد الدولي، والتي تصدرها دولة تخلت عن مسؤولياتها المالية الدولية؟".
ويقول التقرير إن خروج الولايات المتحدة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من شأنه أن يؤدي إلى إعادة توزيع الأسهم وحقوق التصويت حول أكبر الأعضاء المتبقين، مع تحديد أوزان أعلى بكثير لليوان واليورو في حقوق السحب الخاصة، وهو ما من شأنه أن يوسع الأدوار الدولية لتلك العملات نتيجة لذلك. وبالتالي، فإن ما كان حتى الآن بمثابة انحراف جليدى عن احتياطيات الدولار على مدى العقد الماضي قد يتسارع بشكل حاد.
وكتب ترومان "إن الانسحاب من صندوق النقد الدولي من شأنه أن يعني نهاية وضع أميركا باعتبارها المزود الرئيسي للاحتياطيات النقدية لبقية العالم". وقد يكون تأثير ذلك على سعر الصرف هائلا. في حين أن خفض قيمة الدولار على هذا النطاق قد يكون موضع ترحيب من قبل العديد من مستشاري الإدارة الذين يرون فيه وسيلة أخرى لاستعادة القدرة التنافسية العالمية للسلع الأميركية، فإن السؤال الكبير – مثل فرض رسوم جمركية أعلى على الواردات – هو ما إذا كان هذا يستحق ثمن الاضطراب المالي الهائل في الولايات المتحدة.
نحن نقدر خصوصيتك
تقدر شركة إنتغرال ميديا الاستشارية المحدودة خصوصيتك وتعلم جيدًا كم هي مهمة لك وأنك تهتم بكيفية استخدام بياناتك الشخصية.
نحترم ونقدّر خصوصية جميع من يزورون موقع عربي بوست، ولا نجمع أو نستخدم بياناتك الشخصية إلا على النحو الموضح في سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط، ولأغراض تحسين المحتوى المقدم وتخصيصه بما يناسب كل زائر؛ بما يضمن تجربة إيجابية في كل مرة تتصفح موقعنا.
تعتبر موافقتك على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط أمرًا واقعًا بمجرد استمرار استخدامك موقعنا. يمكنكم الموافقة على جميع أغراض ملفات الارتباط بالأسفل، وكذلك يمكنكم تخصيص الأغراض والبيانات التي يتم جمعها. يرجى العلم بأنه حال تعطيل كافة الأغراض، قد تصبح بعض مزايا أو خصائص الموقع غير متاحة أو لا تعمل بشكل صحيح.
تخصيص الإعدادات
اقترح تصحيحاً
"قد تكون خلال أسابيع".. هل أمريكا مقبلة على صدمة اقتصادية قوية بسبب حروب ترامب التجارية؟
0 تعليق